قرر شاب مهاجر العودة إلى بلده بعدما حقق هدفه من الهجرة وحصل على شهادة عليا مقدرة بإحدى الجامعات الفرنسية تأهله للعمل في بلده ويساهم في خدمته. كانت آخر زيارته لوطنه قبل سنة تقدم خلالها بخطبة فتاة أخت لأحد أصدقائه. بدأ مشوار البحث عن العمل لكن دون أن يؤجل عزمه على عقد الزواج وفاء للعهد وتوكلا على الله، لكنه لم يلق إلا الوعود التي قيدته منتظرا طويلا. لدلك اتفق وزوجته أن لا ينجبا في هده الظروف الصعبة إلا بعد الحصول على العمل، لكن مشيئة الله كانت غالبة على أمرهما فحبلت زوجته فاضطر مهاجرا ثانية إلى حيث كان يتابع دراسته وحيث كان يعمل من حين لآخر ويوفر قسطا من المال.
لم يتردد في العمل الشاق رغم مستواه العلمي المتميز لأن هدفه كان فقط جمع من المال ما يمكن أن يسد به متطلبات حياته الزوجية ونفقات البحث عن العمل. وفي ليلة من الليالي العصيبة رأى في المنام بشرى رسالة تدعوه للعمل في بلده فسجد أثناء الرؤية لله رب العالمين.
عاد الشاب بعد قليل من العمل في المهجر إلى بلده وإلى أهله وواصل مشوار البحث عن العمل لكن الجديد الذي عرفه أن اجتازت زوجته مباراة ولوج أحد مدارس تكوين الأطر ونجحت فيها فازدادت نفقات أخرى ليزداد ضيق ظروف عيش هده الأسرة الصغيرة وفي نفس الوقت تحدياهما لها، وبدأ يظهر الجنين على بطن زوجته وأظهر توقع الفحص بالأشعة أنه ذكر وانتظرا دلك اليوم الذي سيرزقهما الله به.
عادت الزوجة كعادتها من سفرها بعد قضاء يوم كامل في الدراسة فجاءها المخاض ليلة دلك اليوم فحملها إلى المستشفى. لم ينم الشاب إلا قليلا من الثلث الأخير من تلك الليلة، وبعد صلاة الفجر كان موعده كعادته مع حفظ ما تيسر من الآيات البينات وحفظ ما وقف عنده أخيرا عند آيات كريمات تذكر قصة امرأة عمران
(( إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ))
ثم أسرع ليتفقد زوجته دون استحضار هده القصة العجيبة لامرأة عمران كيف رزقها الله مريم لانشغاله المهيمن بالمولود، لكن مشيئة الله جعلته يعيش نفس قصة تلك المرأة الصالحة وتلقى المفاجأة حين وجد المولود أنثى وليس ذكرا.
هده البشرى لم تترك لأحد ولو كان أحد الوالدين أن يختار اسما غير اسم مريم بعدما استحضر الشاب الأب معاني الآيات الكريمات التي اقترن وقت حفظها بازدياد مولوده، وأخبر كل العائلة بها.هده القصة الإيمانية كانت حقا بشرى لهما من الله تعالى فجعلتهما مطمئنين في حياتهما وإن غلب على بدايتها العسر لأنهما ظلا ينتظران العمل لكن جاءته حقا حقيقة الرسالة المبشرة قبل سنة بالعمل ثم جاء تخرج الزوجة ثم طلبها إلى وظيفة طيبة تليق خصوصا بالنساء ومازالت نعم وافرة وطيبة تصيب هده الأسرة الطيبة.
تحياتى دوللى