[rtl]تعريف الإسلام وبيان ما يخرج المرء منه
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله --- اما بعد[/rtl]
[rtl] (دين) الإسلام هو ما شرعه الله سبحانه وتعالى لعباده على ألسنة رسله، وأصل هذا الدين وفروعه روايته عن الرسل وهو ظاهر غاية الظهور يمكن كل مميز من صغير وكبير وفصيح وأعجم وذكي وبليد أن يدخل فيه بأقصر زمان، وإنه يقع الخروج منه بأسرع من ذلك من إنكار كلمة، أو تكذيب، أو معارضة، أو كذب على الله، أو ارتياب في قول الله تعالى،[/rtl]
[rtl] أو رد لما أنزل، أو شك فيما نفى الله عنه الشك، أو غير ذلك مما في معناه.
فقد دل الكتاب والسنة على ظهور دين الإسلام وسهولة تعلمه وأنه يتعلمه لوافد ثم يولي في وقته، واختلاف تعليم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في بعض الألفاظ بحسب من يتعلم فإن كان بعيد الوطن كضمام بن ثعلبة النجدي ووفد عبد القيس علمهم ما لم يسعهم جهله مع علمه أن دينه سينشر في الآفاق[/rtl]
[rtl]، ويرسل إليهم من يفقههم في سائر ما يحتاجون إليه، ومن كان قريب الوطن يمكنه الإتيان كل وقت بحيث يتعلم على التدريج أو كان قد علم فيه أنه قد عرف ما لا بد منه أجابه بحسب حاله وحاجته على ما تدل قرينة حال السائل كقوله: «قل آمنت بالله ثم استقم» وأما من شرع ديناً لم يأذن به الله فمعلوم أن أصوله المستلزمة له لا يجوز أن تكون منقولة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولا عن غيره من المرسلين إذ هو باطل وملزوم الباطل باطل كما أن لازم الحق حق.
[/rtl]
[rtl]معنى «الدين الحنيف»
الدين الحنيف: المائل عن الشرك.
الإسلام نسخ ما قبله من شرائع
الكتب السماوية التي أنزلت، لو كانت موجودة كما أنزلت فقد نسخت بشريعة محمد عليه السلام، يعني: شريعة الإسلام نسخت الشرائع السابقة حتى لو كانت كما أنزلت، وكيف وهي محرفة ، وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - رأى ذات يوم في يد عمر بن الخطاب صحيفة يقرأ فيها، قال: ما هذا؟ قال: هذه صحيفة كتبها لي رجل من اليهود، فقال عليه الصلاة والسلام مغضباً: أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى، والذي نفس محمد بيده لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي.[/rtl]
[rtl] فلو كانت صحف إبراهيم وموسى كما أنزلها الله على إبراهيم وموسى بعينها غير محرفة ولا مبدلة لم يجز لليهود ولا للنصارى إلا أن يتبعوا نبينا صلوات الله[/rtl]
[rtl]وسلامه عليه، لذلك الآيات التي تعرفونها بالقرآن والتي منها: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} فدعوة الرسول عليه السلام دعوة عامة ليست خاصة بالعرب كما يدعي اليهود قديماً وحديثاً، وقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ما من رجل من هذه الأمة -أمة الدعوة- من يهودي أو نصراني يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار»،[/rtl]
[rtl] ولذلك فمن يقول أن هؤلاء أهل كتاب، الجواب من ناحيتين: أولاً: أهلُ كتابٍ محرف، وثانياً ـ: لو كان غير محرف لوجب اتباع الرسول، لأن موسى لو كان حياً لوجب عليه اتباع الرسول، عيسى عليه السلام حينما ينزل في آخر الزمان يحكم بشريعة الإسلام، لأن شريعة الإنجيل ألغيت ونسخت بشريعة الإسلام.
[/rtl]
[rtl]هل يقبل الله تعالى من الناس ديناً غير الإسلام؟[/rtl]
[rtl]
كيف نوفق بين هاتين الآيتين {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} (آل عمران85) , وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (المائدة69)؟
لا تعارض بين الآيتين كما يوهم السؤال, وذلك لأن آية الإسلام هي بعد أن تَبلُغَ دعوةُ الإسلامِ أولئك الأقوام الذين وصفهم الله عزوجل في الآية الثانية {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} وذكر منهم الصابئة, والصابئة حينما يذكرون يسبق إلى الذهن أن المقصود بهم: عُباد الكواكب لكنهم -في الحقيقة- كل قوم وقعوا في الشرك بعد أن كانوا من أهل التوحيد فالصابئة كانوا موحدين, ثم عرض لهم الشرك وعبادة الكواكب, فالذين ذُكروا في هذه الآية[/rtl]
[rtl]هم المؤمنون منهم الموحدون, فهؤلاء قبل مجيء دعوة الإسلام هم كاليهود والنصارى, وهم ذُكروا أيضاً في نفس السياق الذي ذُكر فيه الصابئة فهؤلاء مَنْ كان منهم متمسكاً بدينه في زمانه, فهو من المؤمنين {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
[/rtl]
[rtl]ولكن بعد أن بعث الله عزوجل محمداً عليه الصلاة والسلام بدين الإسلام, وبلغت دعوة هذا الإسلام أولئك الناس من يهود ونصارى وصابئة, فلا يقبل منه إلا الإسلام. إذاً قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} أي: بعد مجيء الإسلام على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام, وبلوغ دعوة الإسلام إليه, فلا يُقبل منه إلا الإسلام. وأما الذين كانوا قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام بالإسلام, أو الذين قد يوجدون اليوم على وجه الأرض ولم تبلغهم دعوة الإسلام أو بَلَغَتْهُمْ دعوةُ الإسلام[/rtl]
[rtl]ولكنْ بلغتهم محرفةً عن أساسها وحقيقتها, كما القاديانيين -مثلاً- الذين انتشروا في أوربا وأمريكا يدعون إلى الإسلام لكن هذا الإسلام الذين يدعون إليه ليس من الإسلام في شيء, لأنهم يقولون بمجيء أنبياء بعد خاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام, فهؤلاء الأقوام -من الأوربيين والأمريكيين الذين دعوا إلى الإسلام القادياني, ولم تبلغهم دعوة الإسلام الحق-على قسمين:
قسم منهم على دين سابق وهم متمسكون به, فعلى ذلك تحمل آية {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
وقسم انحرف عن هذا الدين -كما هو شأن كثير من المسلمين اليوم -فالحجة قائمة عليهم.أما من لم تبلغهم دعوة الإسلام مطلقاً -سواء بعد الإسلام أو قبله-, فهؤلاء لهم معاملة خاصة في الآخرة, وهي أن الله عزوجل يبعث إليهم رسولاً يمتحنهم - كما امتحن الناس في الحياة الدنيا - فمن استجاب لذلك الرسول في انا حمار واستاهل ضرب الشبشبات يوم القيامة وأطاعه دخل الجنة, ومن عصاه دخل النار
مسمى الإيمان غير مسمى الإسلام
[قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -]:«أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص».
وفي الحديث أيضاً إشارة إلى أن مسمى الإسلام غير الإيمان، وقد اختلف العلماء في ذلك اختلافا كثيراً، والحق ما ذهب إليه جمهور السلف من التفريق بينهما لدلالة الكتاب والسنة على ذلك فقال تعالى: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا، ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} وحديث جبريل في التفريق بين الإسلام والإيمان معروف مشهور، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب " الإيمان " (ص 305).
"والرد إلى الله ورسوله في مسألة الإسلام والإيمان يوجب أن كلا من الاسمين وإن كان مسماه واجباً، ولا يستحق أحد الجنة إلا بأن يكون مؤمناً مسلماً، فالحق في ذلك ما بينه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في حديث جبريل، فجعل الدين وأهله ثلاث طبقات:[/rtl]
[rtl] أولها الإسلام، وأوسطها الإيمان، وأعلاها الإحسان، ومن وصل إلى العليا، فقد وصل إلى التي تليها، فالمحسن مؤمن، والمؤمن مسلم وأما المسلم فلا يجب أن يكون مؤمناً".
والحقيقة التي لا تخفى على عالم أن هناك فرقاً بين الإسلام وبين الإيمان، وبينهما كما يقول الفقهاء: عموم وخصوص، أي: كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمن، لماذا؟ لأن الإيمان هو الاعتقاد فهو أمر قلبي، أما الإسلام وهو أمر عملي ظاهر ..
أما الإسلام فعمل ظاهري، عمل الجوارح ... ، الإيمان قلبي باطني غير ظاهر، أما الإسلام فهو ظاهري عملي فيظهر، فقد يمكن أن يُسْلِمَ بعض الناس لمصلحة شخصية، هذه المصلحة تتغير وتختلف باختلاف الزمان والمكان، في الزمن الأول: زمن قوة الإسلام التي نبع منها تشريع خاص من ذلك قوله عليه السلام: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دمائهم وأموالهم وحسابهم على الله» فإذا قالوا: لا إله إلا الله عصموا بها دمائهم وأموالهم، إذا قالوها عن عقيدة .. عن إيمان .. أو عن خوف قتل .. خوف دفع جزية أو ما شابه ذلك؟[/rtl]
[rtl]لذلك كان الإسلام غير الإيمان، فالإسلام عمل ظاهري، والإيمان عمل باطني[/rtl]
[rtl]
هل حب الوطن من الإيمان؟
[روي عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال]:«حب الوطن من الإيمان».(موضوع).
ومعناه غير مستقيم إذ إن حب الوطن كحب النفس والمال ونحوه، كل ذلك غريزي في الإنسان لا يمدح بحبه ولا هو من لوازم الإيمان، ألا ترى أن الناس كلهم مشتركون في هذا الحب لا فرق في ذلك بين مؤمنهم وكافرهم؟!
«حب الوطن من الإيمان». هذا كلام ما أنزل الله به من سلطان.إذن الرسول ما صح عنه أنه قال: حب الوطن من الإيمان.
نرجع بقى نقول: سؤال فقهي، هل صحيح أن حب الوطن من الإيمان أم يجوز حب الوطن؟ في فرق:
شيء يجوز وشيء له علاقة بالإيمان، أي شيء له علاقة بالإيمان فهو مستحب وأنت صاعد حتى يصير فرضاً، ؟ لكن الأمر الجائز سواء عليك فعلته أو تركته.حب الوطن أمر غريزي، ، مثل حب الحياة، ومثل كراهية الموت، فالإنسان الذي يحب الحياة لا يمدح ولا يذم لكن يمدح ويذم[/rtl]
[rtl]باعتبار ما يتعلق بحياته كما قال عليه الصلاة والسلام: «خيركم من طال عمره وحسن عمله وشركم من طال عمره وساء عمله»
فإذن حب الوطن أمر غريزي في الناس؛ ولذلك قال تعال في حق اليهود: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ}لماذا؟[/rtl]
[rtl] لأن الإنسان يتعلق بوطنه، فالتعلق بالوطن أمر غريزي، أمر طبيعي، ولكن حب الوطن لا لذاته، لا لأن أرضك فلسطين، فأنت بتحب فلسطين ديناً، لا، بحت أصوات الدعاة الإسلاميين بالتفاخر أن من كمال الإسلام وعظمته أن كل بلاد الإسلام هو وطن واحد، صح ولَّا لا؟ هذا من الناحية الإسلامية، أما من الناحية الغريزية الطبيعية المفطورة، الواحد لا بيحب الوطن فلسطين، بيحب البلدة التي ولد فيا، بيحب الحارة، المحلة التي ولد فيها، هذا له علاقة يا بالإيمان؟ هذا له علاقة بطبيعة الإنسان، ولذلك فيجب أن نفرق بين كون حب الشيء غريزة، طبيعة، فطرة، وبين كون الشيء من الإيمان. وهذا هو الفرق
صحيح أن الرسول عليه الصلاة والسلام لما عزم على الهجرة من مكة إلى المدينة توجه إلى مكة وقال: أما إنك: «إنك أحب بلاد الله إلي الله وأحب بلاد الله إلي، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت» ، لماذا؟ لأنه وطنه؟ لا؛ لأنه خير بلاد الله، ولأن هذه مكة أحب البلاد الله إلى الله، بالتالي أحب بلاد الله إلى رسول الله.
[/rtl]
[rtl]فإذن هذا الكلام لا يطبق على كل بلاد الدنيا.
فمثلاً لا يجوز لمسلم- -أُخْرِجَ من بلده مكرهاً بيلتفت بيقول: أما إنك من أحب بلاد الله إلى الله، وأحب بلاد الله إلي، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت؟ ما بيجوز هذا الكلام، ف، العلم نور، فلا يجوز للإنسان المسلم أن يتكلم بغير علم لأن الله عز وجل يقول: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}
المؤمن كلما كان أقوى إيماناً ازداد ابتلاءً[/rtl]
[rtl]
[قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -]:
«أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب (وفي رواية: قدر) دينه، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه, وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة».
[وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -]:
«أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر، حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة التي يحويها، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء».
[وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -]:
«إن من أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».
وفي هذه الأحاديث دلالة صريحة على أن المؤمن كلما كان أقوى إيماناً، ازداد ابتلاءً وامتحاناً، والعكس بالعكس، ففيها رد على ضعفاء العقول والأحلام الذين يظنون أن المؤمن إذا أصيب ببلاء كالحبس أو الطرد أو الإقالة من الوظيفة ونحوها أن ذلك دليل على أن المؤمن غير مرضي عند الله تعالى! وهو ظن باطل، فهذا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو أفضل البشر، كان أشد الناس حتى الأنبياء بلاء، فالبلاء غالباً دليل خير، وليس نذير شر، كما يدل على ذلك أيضا الحديث الآتي:
" إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط ".
"الصحيحة"[/rtl]
[rtl]والحمد لله رب العالمين[/rtl]