السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العبادة
عبادة الله تعالى هي أول نداءٍ نادى به الرسلُ أقوامهم,فكان كل رسولٍ يبدأ دعوته قائلاً لقومه:"
أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ" {المؤمنون:33},
وهي أول موضوعٍ وأهم موضوعٍ لكلِّ كتابٍ أنزِل,ولكلّ رسولٍ أُرسِل قال تعالى:"
وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت "{النحل:36}
,وهي مهمة الفرد والجماعة, ومن أجلها خلقهم الله عزّ وجلّ, قال تعالى:" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا
لِيَعْبُدُونِ"{الذاريات:56}, ولذلك يكرر العبد في كل صلاةٍ يصليها قوله:" إِيَّاكَ نَعْبُدُ"{الفاتحة:5} أي:نخصُّك بالعبادة ونُفردك
بها,وهو معنى قوله تعالى:" فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ"{العنكبوت:56}.
والعبادة التي هذه مكانتُها يخطيء كثيرٌ من المسلمين في مفهومها ويقصرون فيه, لذا رأيت أن أبدأ بتعريفها:
العبادة في اللغة:تعني الانقياد والتذلل والخضوع.
وأما في الشرع:فهي اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يُحبُّه اللهُ ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
قال ابن القيّم:وحقيقة التعبد:الذل والخضوع للمحبوب
, ومنه قولهم:طريقٌ مُعَبَّد: أي مُذلل,
قد ذللته الأقدام, فالعبد هو الذي ذلّله الحبُّ والخضوع لمحبوبه,
ولهذا كانت أشرف أحوال العبد ومقاماته هي العب
ودية, فلا منزل له أشرف منها .
والعبادة قد عرّفها بعض العلماء بتعريف جامع موجز فقالوا:هي غاية الذُّل مع غاية الحُبّ.
ومما سبق يتضح أن للعبادة أفقًا رحبًا ,ودائرة واسعة, فالصلاة والزكاة والصيام والحج والإنابة والخشية وحفظ الأمانة
وصدق الحديث والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامّتهم, وحب الله
ورسوله, والتقرب إلى الله بأنواع القربات كالذبح والنذر, والتوكل عليه والاكتفاء به وكيلاً ووليًّا, والتحاكم إليه ,والرجوع
والردُّ إليه عند التنازع, كلُّ أولئك عبادة.وقصدُ غير الله تعالى بهذه الأنواع وأمثالها, وتوجيهها إلى غير الله, وعدم الاكتفاء
به وبشرعه, يعني عبادة غير الله, وتسميتها بعد ذلك بأسماء غير العبادة: كمحبة الصالحين-مثلاً- بالنسبة إلى بعض
هذه الخصال, لا يُغيّر من جوهر الحقيقة شيئًا